تعلم كيف تضيع ثروتك … إحفظ راتبك, وإبقى موظفا !

ربما يكون العنوان يحوي بين طياته شيئا من الغرابة , أو أنه لا يحتوي موضوع تقني بحت, ولكن لعل الكلمات التالية توضح المقصد من ذلك.

الإقتصاد هو عامل مهم في نجاح الأمم, وقيادة العالم, وقد يكون هو السبب الرئيس في النزاع بين الأمم بشكل مباشر وغير مباشر.
وكذلك الحال بالنسبة للفرد, فالفرد الذي يملك قوة إقتصادية, يمكنه أن يسخر عقبات كثيرة تخدم أهدافه وتحقق طموحاته.

أمر أخر مهم جدا وهو التبعية المالية, فمن يملك الإكتفاء الذاتي يملك حرية التصرف وإبداء الرأي, وهذا مالا يتحقق في أصحاب التبعية المالية ! وقس ذلك على مستوى الأمم التي لديها تبعية مالية لأمم أخرى.

ومن هنا قد يكون قرارك في الإستقلال المالي هو قرار مفيد على صعيد أسرتك, التي قد ترث طريقة التفكير وعدم الإعتمادية إلى حد كبير. كما أنه قد يكون عدوى ينتفع به الآخرين.

كانت هذه مقدمة بسيطة عن فكرة أولية لأهميته بناء إقتصاد بداية من الفرد وإنتهاء بالأمة, لكن التساؤل الذي يطرح نفسه. كيف يمكنني بناء إقتصاد, وما هي الطرق التي يمكنني تفعيلها لعمل ذلك.

كيف يمكنني بناء إقتصاد؟

القضية متعلقة بطريقة التفكير, فمن الناس مجرد أن يكسب مبلغ من المال إما يقوم بتجميده فيخسر قوته, أو يقوم بإنفاقه في مشتريات إستهلاكية فيقضي عليه.

دعونا نشرح فكرة قوة الورقة المالية بالبداية, ولنفرض أن العملة هي الدولار, الدولار الذي تأتي به اليوم يستطيع شراء قطعة من الجبن بوزن 1 كيلو على سبيل المثال, ولكن الدولار الذي يأتي بعد عشر سنوات لن يستطيع شراء هذه القطعة, والفكرة أنه مع التقادم يخسر قيمته الفعلية. والسبب الحقيقي في أن ورقة الدولار تنتشر كلما زاد الوقت ولا ترتبط بقيمة فعلية, فتفقد قيمتها الشرائية, ويمكنك ملاحظة ذلك جليا في العقارات التي كان يروي أجدادك أنها كانت بأقل من السعر الحالي بمراحل, والحقيقة أن الأمر متعلق بالقوة الشرائية للعملة, التي تقل مع التقادم.

إذا فكلما جمدنا هذه الأموال, تفقد شيء من قوتها الشرائية مع التقادم ومرور الوقت. أما فيما يتعلق بالإستهلاك فإنه يقود دائما إلى الإستفادة من القوة الشرائية الحالية والإستنفاع بها والقضاء عليها, فيمكن شراء سيارة فارهة مثلا في الوقت التي قد تكون ثانوية وغير ذات حاجة ماسة, هذه السيارة تفقد قيمتها الحقيقة مع مرور الوقت, وتكون النقود قد إستهلكت فعليا.

ومن هنا علينا بالتفكير بالأصول المالية, التي تساعد في توسيع الإقتصاد على مستوى الفرد, بمعنى وضع النقود في أصول مالية تدر أرباح, مثال في حال ملكنا القدرة على شراء سيارة, فيمكننا شراء سيارة تاكسي وتشغيل أحد الأفراد لسواقتها وبالتالي أصبحت السيارة أصل مالي يدر أرباحا. كذلك لو فكرنا بشراء عقار يمكننا تقسيمه بحيث يصلح للسكن والإيجار.

أين أضع أموالي؟!

هذا السؤال ينبغي أن نفكر به جيدا, فالحفاظ على المال هو مسؤولية, لأن هذا المال قد ينتفع به أهلك و من حولك, وربما لو سألنا أحدهم بعد شرح درس عن الإستثمار, لقال إنه سيودع ماله كله بالإستثمار. وهذا بالتأكيد تفكير جيد وإيجابي. ولكن الأمر يحتاج حقا إلى التروي ومعرفة أين ستضع هذا المال, وليست المسألة مجرد أني أضع المال في عجلة تدور لتجني الأرباح. لأن هذه العجلة لم ولن توجد!

إذا كنت لا تملك الخبرة الكافية لتجني المال, أو أن الظروف غير سانحة لذلك مثل أن تكون في بلد غير مستقر سياسيا أو يعاني من تقلب. في هذه الحال ربما يكون لديك ثقة بأحدهم حيث يستطيع أن يقوم هو بهذا الدور, فدخولك على الإستثمار وإدارته بدون معرفة يقود إلى الخسارة وأيضا هدم السوق والذي ينفع الآخرين.

وإذا لم تملك الخيارات في الوقت الراهن فهنا علينا أن لا نبقي أموالنا حتى لا نخسر قيمتها الشرائية.
ولكن يمكننا شراء عملة تزيد قيمتها مع مرور الوقت, أو أنها لا تخسر, مثل العقار والذهب!

ولكن على وجه التأكيد إتباعك للنهج الإسلامي في الإقتصاد سيذكرك دائما بأن عليك إستثمار الأموال, فكل سنة تمر على هذا المال دون تحرك تأمرك بأن تدفع 2.5% من قيمته, وهذا ما يدفعك دوما إلى الإستثمار والبحث عن طريقة لتوزيع المال والإنتفاع به.

وعند وجود فرصة إستثمار بالتأكيد يمكن تسهيلها والإستثمار إن كنت على دراية كافية به. كما أن البحث عن شركاء حقيقين في الإستثمار يمكن أن يساعد في إدارة كفة العقل والوزن وحل الأزمات, ولكن السر يبقى في إختيار الشريك المناسب.

أنصح بمشاهدة هذا الفيديو لأحمد الشقيري يتحدث عن جوهر ما ذكرت.

ماذا عن الإنفاق الخيري؟

الإنفاق الخيري بالتأكيد يعود بالنفع على الناس, ويشعر الإنسان بالراحة النفسية, وهنا قد يدفع الكثيرون بشيء من مالهم مقابل ذلك. وهذا هو أسهل الخيارات الخيرية!

لأنك حينما تستثمر مالك في مشروع, فإنك تنفع الشباب الذين ربما لم يجدوا مكان عمل وذهبوا إلى البطالة, وكما أن هؤلاء ستتاح لهم فرصة العمل. وربما يكونوا نواة إستثمار جديد, كما أنك بفتح مكتب أو مكان عمل ستنفع أعمال أخرى. وتحرك الإقتصاد, هذا الأمر يحتاج إلى إدارة ووقت بالإضافة إلى المال, لكن نفعه أكبر بكثير من دفع المال مباشرة.

متى أستقل ماليا؟ هل علي ترك عملي؟!

الإستقلال المالي بالنهاية هو قرار, و خطة إستراتيجية تبدأ من التفكير وتنتهي بالتطبيق. ربما يكون الدكتور طارق السويدان أبلغ في القول في فيديو قانون القردة.

https://www.youtube.com/watch?v=7dARiwGiues

ولكن هل يجب دائما أن أترك عملي, لتحقيق الإستقلال! ليس هذا دائماً فبعض الأعمال يمكنك أن تمتلك فيها مستقبلاً. مثل أن تكون في شركة وعند بداية توليد الأرباح يصبح لك نسبة أو نصيب, أما عن الأعمال التي لا يمكن أن تمتلك فيها فرصة ملك أو نصيب, فعليك بالتخطيط لعمل خط مستقل وتركها.

إذا وصلنا إلى أرباح ملموسة, ماذا نفعل؟

المشروع الناجح الذي يبدأ بجني الأرباح هو مثل الشجرة التي يتم روايتها حتى تنمو وتستطيع إخراج الثمار, لكن من الصعب الإعتماد عليها فقط كإستثمار وحيد, فعلينا النظر في إستثمارات أخرى, حتى نحمي الإقتصاد. فما أن تضاءلت فرص مشروع حتى يكون هناك مشروع آخر.

ماذا عن البرمجيات, هل هي إستثمار واعد ؟!

البرمجيات هي موضة العصر والسنوات المقبلة حبلى بالمزيد, ولكن مازال الكثيرون يشككون بجدوى الإستثمار بالبرمجيات. ولديهم الحق في جزء من القول, نظرا لأن أغلب المشاريع في الوطن العربي تحصد الحصرم قبل العنب. ولا تملك النفس الطويل الذي يؤدي إلى جني الثمار الحقيقية. وهنا أقول الإستثمار بالبرمجيات هو إستثمار يحتاج إلى وقت طويل ربما ليس أقل من 4 إلى 5 سنوات. حتى تجني نتيجة فعليه. لكنه على طول مدته يولد أرباح ويفتح مجالات أخرى وفرص تصدير سهلة.

وهنا فالشباب التي تنظر إلى عمل برمجيات للإستثمار, فالشراكة مهمة جدا لإستمرار العمل. والبحث عن دعم مالي يبقي المشروع على قيد الحياة حتى لحظة الولادة الحقيقية.

وعلى ما ذكرت فإن النصيحة تتلخص بأنك إذا لم تملك الفرص الكافية للإستثمار جمد أموالك في قيمة لا تخسر مثل الذهب أو العقار حتى تستطيع أن تجد فرصة مناسبة, كما عليك دائما بالتفكير بالإستثمار والتخطيط للإستقلال لتملك القرار, ليس لوحدك بل لكل من ينتمي لك.

أتمنى أن تكون تدوينة ذات فائدة, دمتم بود,
إلى تدوينة أخرى.

لا تعليقات

أترك رد