حجم السوق، السوق الكبير، الملايين والملايير والحفنة التي تعول عليها! ابدأ من جيرانك!

لا تنسى أن تضع شريحة حجم السوق في العرض، ربما تكون هذه الشريحة سببا في إستنثاء فكرتك !

لقد شاهدت العديد من العروض التي يقوم بها أصحاب المشاريع والشركات الناشئة بإستعراض حجم السوق الذين يريدون إستهدافه، كما وأنني لم يسبق لي أن قابلت مرشد أعمال إلا وأخبرني بضرورة إضافة حجم السوق الكبير في العرض.

فتشاهد أحدهم يخبرك عن حجم التجارة الإلكترونية في منطقة الخليج العربي بأنها تتجاوز ال 25 مليار دولار سنويا، ولذلك قرر فتح متجر إلكتروني … ويخبرك الأخر بأن حجم سوق قطع السيارات في السعودية يتجاوز ال 2.5 مليار دولار سنوي وقس على ذلك الكثير من الأمثلة.

وعندما تأتي للعرض وتقرأ القراءات المرفقة مع العرض، مثل كم عميل إستطعت الإستحواذ عليه، كم عدد الطلبات، كم هي العوائد التي قمت بعملها، تنصدم بأن الأرقام لا تعكس نهائيا حجم السوق.

حجم السوق الكبير، هي معلومة للإستئناس وليست شيء يمكن الإعتماد عليه لفكرة مشروع Click To Tweet

هل حجم السوق معلومة مؤكدة، يمكن الإستناد عليها

دعنا نؤكد أن معلومة حجم السوق هي معلومة تعتمد على شقين: التخمين + التثمين و هي معلومات نسبية لا يمكن الجزم بها لأن هناك نسبة احتمالات كثيرة لا يمكن إحتسابها ضمن هذين الشقين، هناك طرق حديثة سأستعرضها بعد قليل قد تساعدك في هذا الأمر ولكن يبقى الأمر نسبيا.
وهذا يذكرنا بقصة IBM التي عندما حاولت تصنيع أول كمبيوتر للإستخدام الشخصي فجلبت العديد من الخبراء لحساب السوق، الذين أثبتوا في ذلك الوقت أن حجم السوق هو عبارة عن خمسة أشخاص، وبالتأكيد كانوا مخطئين!

معلومة حجم السوق، هي معلومة مبنية على التخمين والتثمين ولا يمكن بأي حال الإعتماد عليها Click To Tweet

ولكن هناك طرق ربما تساعدك في الحصول على تعريف جيد لحجم السوق، وهي بثلاثة خطوات

TAM = Total Available Market
وهو السوق العالمي الكلي الذي يمكن أن يستخدم الخدمة أو المنتج الخاص بك، بدون أي منافسين، وصول لجميع الأشخاص في العالم

SAM = Serviceable Available Market
وهو السوق الذي يمكنك خدمته مباشرة في منطقتك أو المنطقة الواقعية التي تريد إستقصادها

SOM = Serviceable Obtainable Market
وهو السوق الواقعي، الزبائن المتوقع أن يستخدموا منتجك، حصتك من السوق، ويجب هنا إحتساب المنافسين

فلو ضربنا مثال واقعي على هذا الأمر، وعلى فرض أنك تود إنشاء محل ورود، فإن ال TAM في هذه الحالة هم عدد الناس الذين يقتنون الورود ويحبون شراءها في أوسع منطقة تتطلع إليها مثل “العالم” أو “الخليج” إلخ. ال  SAM هم عدد الناس الذين يقتنون الورود في منطقتك التي تود إستهدافها ولنفرض هي المدينة، الحي أو الشارع. وأخيرا ال SOM سيكون حصتك المتوقعه من SAM عند إضافة المنافسين والعوامل الأخرى.

مهما بلغت ضراوة الأمر لا بد أن هناك حفنة تساوي الكثير من حجم السوق الكبير، مفهوم خاطيء !

والفكرة التي يرمقها هؤلاء هو بإيصال نقطة أنه لطالما هناك سوق كبير جدا فلا بد أن يكون هناك حصة ولو كانت بسيطة لصاحب المشروع أو الشركة الناشئة وبالتالي الكثير من العوائد والأرباح.

بل ويتعدى الأمر مجرد العروض ويذهب إلى محمل الجدية بإستهداف هذا السوق بشكل حقيقي، وعمل حملات التسويقية، ولكن دون أي جدوى، دون عوائد، دون زبائن فينصدم صاحب المشروع الريادي بواقع مختلف عن الأرقام التي يتطلع إليه، ويصبح يشكك في الفكرة التي بدأ منها ومدى جدواها الحقيقي، بل قد يقوم بإنهاء المشروع كلية.

ومن هنا نتسأل هل المشكلة في إختيار السوق، هل المشكلة في الفكرة، هل المشكلة في الفريق المنفذ ؟
هذه الثلاثة أسئلة هي دليل أي أحد لفكرة تستحق الإستثمار فعلا، حيث أن أي مشروع يملك فكرة، يملك سوق، ويملك فريق تنفيذي جيد هو موضوع إهتمام من الجميع.

ولكن حقيقة الأمر ربما لا يكون مشكلة في كل ما سبق! وإنما المشكلة في التوقيت، في الحجم وفي الخصوصية الحالية.

دعونا نفسر كل النقاط التي ذكرتها مسبقا، المشكلة في التوقيت والحجم هي متعلقة في حجمك الحالي وتوقيتك الحالي، فأنت عندما تكون مشروع ناشيء صغير لا يمكنك أن تعمل في سوق كبير جدا ولذلك لأن أي سوق كبير بالتأكيد هناك العديد من اللاعبين الكبار موجودين فيه وأنت لا تستطيع مجاراتهم.

في أي سوق كبير جدا، يوجد هناك العديد من اللاعبين الكبار الذين لا يمكنك مجاراتهم بحجم مشروعك الصغير Click To Tweet

العملاق الأزرق بدأ من المدرسة، بأداة بسيطة لحل مشكلة الإهمال في الجامعة، دون أدنى فكرة عن حجم السوق !

نعم من منا لا يعرف فيسبوك، الذي يستحوذ الآن على أكثر من 2.1 مليار مستخدم، بدأ من منطقة محدده بمهمة صغيرة محدده، فقد بدأ الأمر مع مارك زاكبريج أنه كان يعاني من مشكلة متابعة الكورسات في جامعته هارفرد
بسبب إنشغاله الشديد في البرمجة إلى جانب جامعته.

مارك زكبريج مع مجموعة من أصدقائه في مرحلة الجامعة

لذلك قرر بناء أداة بسيطة تساعد الجميع على مشاركة ماقامو بأخذه في الكورسات التي سجلو فيها، وفي أسابيع بسيطة كان هناك العديد من المسجلين، ومن ثم قام بنقله إلى الجامعات الأخرى في نفس المدينة، وهكذا بدأ الأمر وإنتهى إلى يومه الحالي بالحجم الذي تراه.

إذا لم يبدأ الفيسبوك من سوق أمريكا الكامل ويذهب إلى العالم، ولم يبدأ من ولاية ماساتشوستس، حتى من مدينة كامبريدج. وإنما بدأ بمكان صغير، بمشكلة يعرفها، وإستطاع بسرعة أن يستحوذ على مستخدمين لمعرفته الجيدة بالمشكلة والناس.

الفيسبوك بدأ كأداة لمشاركة معلومات حول المواد التي يقوم الطلاب بأخذها Click To Tweet

عملاق التجارة الإلكترونية، بدأ من كراج، وكان المدير التنفيذي يوصل الطلبات بنفسه !

جيف بوزس، المدير التنفيذي لأمازون في بدايات الشركة

أمازون من منا لا يكاد يعرف هذه الشركة التي تبيع إلى كل مكان تقريبا في العالم، من الألعاب إلى الملابس إلى الأثاث وأكثر من ذلك بكثير.
ولكن بمثلها بمثل غيرها من الشركات، بدأت بمشكلة بسيطة بمكان محدد، حيث ركزت الشركة في المقام الأول على الكتب، بيعت أول نسخ من كراج بيزوس المدير التنفيذي للشركه.

وهناك العديد من القصص التي يمكنك معرفة كيف أنها بدأت في سوق صغير ومشكلة محددة ثم توسعت لتكون شيء ضخم كبير يصعب مجاراته.

إذا هل القيمة في قيمة السوق، أم في قدرتك على بناء قاعدة للمستخدمين

بدلا من أن نذكر معلومة حجم السوق، عليك أن تقنع المستثمرين أو المعنيين بمشروعك عن كيفية قدرتك على جلب الزبائن لمشروعك، كيف ستبني قاعدة من الزبائن وتتوسع في أي مكان كنت وأي فكرة تحل. فيمكنك التركيز على معلومة ال SOM التي ذكرناها مسبقا وتبدأ في إقناع الجميع عن كيفية إستحواذك على المستخدمين وجعلهم مستخدمين حقيقين لخدمتك أو لمنتجك.

وهذه ليست معلومة فقط للعرض وإنما معلومة يجب تطبيقها على أرض الواقع، يجب عليك أن تعرف كيف ستبقني قاعدة بيانات مستخدمينك شيئا فشيئا
وهذا لا يمكن أن يكون سوى بإطلاق نسخة حقيقية يلمسها المستخدمين ليكون هناك قراءة عن رأي المستخدمين وعن النقاط التي يحتاجونها، وتستمر عملية التطوير إلى حين أن يلمس المستخدمين القيمة الحقيقة

عند بداية المشروع، لا تفكر في حجم السوق، فكر في كيفية تقديم قيمة يمكن من خلالها بناء قاعدة بيانات من المستخدمين Click To Tweet

افهم من هم زبائنك، أين يتواجدون، ماذا يفعلون، ما هي اهتماماتهم

من أهم الطرق التي تساعدك على التوسع وبناء قاعدة من الزبائن هي فهم من هم زبائنك، ماذا يفعلون، أين يتواجدون، إهتماماتهم وهو ما يسمى بال “Customer Persona” أو شخصية الزبون.
عندما تعرف من زبائنك وما هي خصائصهم سيساعدك ذلك على تسويق المنتج لفئة محددة جدا كما وأنك في عملية بناء المنتج ستعمل على خصائص محددة تخدم هذه الفئة ولا تخدم كل الفئات.

وفي البداية يتم الأمر غالبا بالبحوثات والدراسات، والتخمينات، وعندما تبدأ قاعدة بيانات الزبائن بالزيادة يتم التعرف عليهم شيئا فشيئا.

مثال: أحد زبائن منصة عربوست
محمد إبراهيم
محمد هو مسؤول قسم التسويق الرقمي في شركة “جي أر”
محمد مصنف في الشركة ك”صاحب قرار”
الخصائص الديموغرافيه
فئة عمرية ما بين 32 ل 39
دخل سنوي 30 ألف دولار
يحمل درجة الماجستير
متزوج، وأب لطفلين
الأهداف والتحديات
توفير الوقت على الإنترنت، البحث عن محتوى مميز، زيادة التفاعل للمحتوى
ماذا يمكن أن تقدمه عربوست
عمل محتوى تأثيري بشكل أسرع
صناعة محتوى من خلال المؤثرين

وعند عمل قاعدة بيانات بشخصيات زبائنك، يمكنك إستنباط من هم أكثر الزبائن قيمة، والذي من الممكن إستهدافهم وتحسين المنتج والخدمة لهم.

تجربة خضناها فعليا، من غزة  إلى كل فلسطين

وقد خضنا نفس التجربة في متجر لقطة Loqta.ps، في سوق كان يتصور البعض أنه سوق معدوم، لا تكاد يجد الفرصة في التنفس وهو سوق مدينة غزة في فلسطين.

وفعليا ما قمنا به هو أننا وجدنا مشكلة لدى طرفين، التجار والبائعين، التجار بأن هناك الكثير من المنتجات التي لا يفهم المستهلك ما هي وكيفية عملها، وكذلك محدودية مكان التاجر. والبائعين الذين لا يجدون الوقت الكافي وكذلك يرغبون في كل ما هو جديد.

لذلك قمنا بالبدء بصنف واحد فقط في مدينة غزة، وإستهداف فئة محددة، وكانت النتيجة فائقة للتوقعات، حيث أننا في مدة قصيرة كنا نخدم قطاع غزة بالكامل بأكثر من 1500 صنف لأكثر من 6000 مستخدم، وكما أن لقطة توسع ليخدم فلسطين ككل في مناطق الضفة الغربية، وأراضي ال 48 وكذلك قطاع غزة.

وفي النهاية، لا يضرك إحتساب السوق الفعلي ووضعه كمعلومة للإستئناس، ولكن يجب أن تعرف كيف تتوسع وتستحوذ على الزبائن في أي سوق تود البدء به، وقاعدة بيانات المستخدمين في سوق صغير، أفضل من سوق كبير بدون قاعدة مستخدمين.

دمتم بود،
إلى تدوينة أخرى.

 

لا تعليقات

أترك رد